السبت، 31 ديسمبر 2011

إمكانية التغيير

كلمة التغيير أصبحت متداولة بصورة كبيرة منذ ثورة 25 يناير، بل إن الثورة نفسها قامت من أجل التغيير. والتغيير سنة من سنن الله في الأرض فلا شئي يبقى على حاله. ولكني هنا لن أتطرق الى موضوع التغيير المعنية به الثورة ولكن التغيير الذي نحتاج أن نحدثه في حياتنا في بعض الأحيان وقد نراه مستحيلا أو قد نمتنع حتى عن أن نأخذ خطوات تجاهه خوفا من الفشل أو من الصعوبات والتحديات التي قد نواجهها من أجل إحداثه.

 لكن بالرغم أننا نرى التغيير يحدث أمامنا في الحياة سواء في فصول السنة أو في حياة الإنسان فهو ينمو من طفل لشاب لرجل ثم لكهل وغيرها أمثلة كثيرة إلا إنه عندما يتعلق التغيير بحياتنا قد لانتقبله أو نرحب به بسهولة وقد نقاومه. وذلك ليس لأقتناعنا بأنه شيئ سيئ أو ليس فيه نفع ولكن لأننا نرى فيه صعوبة. أول صعوبة نواجهها هى صعوبة أن نتخلى عما ألفناه وتعودنا عليه أو الخروج عما يسمى نطاق المألوف (Comfort zone). مررت بتجربة تغيير جوهرية وهامة في حياتي خلال العام السابق (كان عام ثورة التغيير في حياتي أيضا). تركت مهنتي ووظيفتي التي عملت بها سنوات طويلة والتحقت بأكاديمية دولية لدراسة تدريب الحياة وتطوير الذات على الأنترنت.  ومهما قلت لن أتمكن أن  أصف الصعوبات التي واجهتها في الدراسة. المجال مختلف، طريقة التعلم والتدريس مختلفة تماما، لغة مختلفة يتكلمها أناس من مختلف أنحاء العالم بلهجات لم أكن أفهمها (فكم من الدروس حضرتها ولم أفهم كلمة واحدة مما قيل بسبب لهجاتهم غير المألوفة لي) ولاأعلم لماذا لم أفكر لحظة واحدة في التراجع ربما يكون السبب هو الرغبة القوية التي كانت بداخلي لإحداث التغيير، كانت تدفعني للأمام دائما. وبالرغم من الخوف الشديد الذي كان يعتريني عندما أفكر كيف سيتم إختباري من أجل التخرج وكل الإمتحانات والتقييم يتم على أساس إختبارات شفوية.
ياويلي إختبارات شفوية؟ أنا لاأكره شيئ في حياتي قدر كرهي للإختبارات الشفوية ولكنه شر لابد منه. وبالرغم من هذا الخوف الهائل الذي كان يعتريني لم أفكر لحظة في التراجع وانما كنت أفكر فقط في إيجاد حلول أو اللجوء لأخرين لمساعدتي على تخطي هذه العقبة. تكلمت مع أساتذتي ومع زملائي بخصوص هذه المشكلة وكان لتشجيعهم ومناقشاتهم معي أثرا رائعا إذ بمساعدتهم ومناقشاتهم لي للوقوف على أسباب هذا الخوف إتضحت لي أسبابه وكيفية التغلب عليه. ولم أكن أحتاج سوى أن أتحلى بالصبر والمثابرة  والثقة في قدراتي وفي نفسي ثم التدريب المستمر لأصل الى المستوى المطلوب من الكفاءة. 

نفس التجربة عشتها مع رغبتي في إكتساب لياقة بدنية  فقد التحقت بفصل لياقة بدنية، أتدرب فيه لمدة ساعة أو أكثر قليلا ثلاث مرات أسبوعيا. قد تقولون وماذا في ذلك؟ كنت أظن أن الموضوع بسيط في البداية ولكن لم يكن الموضوع بهذه السهولة فلم أكن أبدا رياضية في يوم من الأيام. كنت دائما أحاول ولا أستمر أكثر من شهرين أو ثلاثة ثم أنقطع لشهور أو حتى لسنيين. وكنت دائما أفضل أن أتدرب بمفردي بدون الإلتزام بمدرب (مشي أو بعض التمارين في المنزل وغيرها من الأفكار التي تساعدنا على الهروب من الإلتزام) ولكن هذه المرة كانت مختلفة بدأت والتزمت بتشجيع المجموعة التي تعرفت عليها ولولاهم لم أكن لألتزم لتسعة شهور متتالية. ولم تكن التجربة سهلة وكان هناك لحظات كنت أفكر أن أتوقف خاصة أن المدرب كان دائما يرفع من صعوبة التمارين ولم يكن يستسلم لرغبتنا في تبسيطها وكان دائم الإصرار والضغط علينا لنلتزم بتعليماته (كنت دائما أردد له إحنا مالناش جيش فقد كنت أشعر أنه يتعامل معنا على إننا مجنديين) إلا إنني الآن فقط فهمت أنه على الحق. وبالرغم من الألم الذي كنت أتحمله أثناء التدريب وعدم ظهور نتائج في بعض الفترات ولحظات الغضب التي كنت أحسها تجاهه في بعض الأحيان، لاأعلم لماذا لم أتوقف أبدا.  كنت أتوقف يوم أو يومين ثم أعود لأستكمل الطريق لهدفي من جديد. 

 من خلال التجربتين السابقتين استنتجت بعض العوامل التي تساعد على إحداث التغيير:
  • رغبة قوية.
  • إرادة قوية.
  • تركيز على الهدف واتخاذ خطوات للأمام دائما وعدم التفكير أبدا في التراجع.
  • صبر ومثابرة.
  • مجموعة دعم ومساندة تعمل كفرقة إنقاذ عندما نتعرض لمشاعر وأفكار سلبية وشك في قدراتنا.
  • قد نحتاج لدعم وخبرة متخصص في مجال معين.
  • التعامل مع المعوقات والتحديات على إنها جزء أساسي من رحلة التغيير يجب أن نعمل على التغلب عليها وليس التراجع بسببها.
  • عند لحظات الضعف والشعور بالإحباط يمكننا أن نتوقف قليلا لنلتقط أنفاسنا ثم نتخذ خطوات من جديد لنكمل الرحلة.
  • أن نتعامل مع هذه التجربة على إنها رحلة وألا يكون كل تركيزنا على النتيجة النهائية فقط. 


التغيير ليس مستحيل واذا بدأناه وفي ذهننا أنه رحلة مليئة بالفرص لنفهم أنفسنا ونكتشف مهارتنا ومواهبنا فسنجده رحلة ممتعة. أما إذا كانت النتيجة النهائية هى فقط ما في ذهننا فمن الممكن أن تكون التجربة صعبة وطويلة لأن التغيير لايحدث بين عشية وضحاها وانما يحتاج لوقت طويل وصبر.

الخميس، 29 ديسمبر 2011

المعتقدات السلبية

التجارب التي يمر بها كل منا في حياته تكون لديه منظومة من المعتقدات عن نفسه، هذه المعتقدات يحيا بها ويرى كل شئ في الحياة من خلالها.  فهي تعمل كالعدسة فإن كانت عديمة اللون سنرى من خلالها كل شئ بلونه الطبيعي أما إن كانت ملونة فأكيد سنرى الألوان من خلالها مختلفة ويغلب عليها لون العدسة. فمثلا الإنسان المتفائل جدا يقال عنه أنه يرى كل شئ وردي أو بمعنى آخر يرى الأمور من خلال عدسة وردية أما الإنسان المتشائم فيرى الصورة دائما رمادية أو مائلة للسواد أي يراها من خلال منظار داكن يجعل كل الألوان كئيبة حتى المبهج منها. 

هذه المعتقدات تؤثر بشكل جوهري على مسار حياتنا، فطالما اننا لدينا اعتقاد معين عن أنفسنا فمن من سلطته أن يجعلنا نغير هذا الإعتقاد؟ وطبعا اذا كان هذا الاعتقاد ايجابي ويعمل لصالحنا ويدفعنا للأمام فهذا شيئ جيد أما إن كان غير ذلك فهنا يكمن الخطر. الاعتقاد السلبي هو أشد عدو للإنسان،انه فكرة أو يقين لدى الإنسان عن نفسه وإمكانياته ومعنى أن يكون سلبي أنه لايدفع للأمام وانما يشد الإنسان للخلف. لايمكن لأحد أن يجعلنا نغير هذا الاعتقاد وهو اعتقاد ليس في مصلحتنا وانما العكس يجعلنا غير قادرين على احراز أي تقدم في حياتنا. لنأخذ مثال على ذلك الرغبة في تعلم شيئ جديد أو الحصول على وظيفة جديدة بعد سن الخمسين مثلا أول تعليق يمكن أن نسمعه هو "بعد ماشاب ودوه الكتاب" أو "هو أنا لسه حابتدي أتعلم دلوقتي ماخلاص" هل في اعتقادكم أن شخص يردد هذا الكلام عن نفسه يمكنه أن يحقق أي تقدم أو يتعلم أي شيئ. طبعا لا. اذا كان هذه هي نظرته لنفسه أنه لا يصلح أن يتعلم أو لا يستحق أن يتقدم فمن سينظر له بصورة أفضل. إن كان هو شخصيا لا يرى أنه يستحق الأفضل فمن سيهتم بأن يعطيه الأفضل.


وما الحل؟ هذه المعتقدات صحيح أنها سلبية ونتائجها سلبية على حياتنا الا أنه ليس من المستحيل تغييرها والتغلب عليها. كل ما نحتاجه هو أن ندرك أن ما يحدث في حياتنا هو نتيجة اعتقاد سلبي وأن نكتشفه ثم نعمل على استبداله باعتقاد أكثر إيجابية. فإذا حاولنا استبدال الاعتقاد السلبي السابق ذكره "هو أنا لسه حابتدي أتعلم دلوقتي ماخلاص" يمكن في منتهى البساطة ملاحظة والتعلم من الأفراد الذين يبدأون حياة جديدة بعد سن المعاش فإنهم مثال رائع للروح الإيجابية التي تعيش بالأمل وتؤمن بأنه لابد أن يكون لهم دور طالما هم على قيد الحياة.


معتقداتنا السلبية كما لها دور في نظرتنا لأنفسنا فهى لها نفس الدور السيئ في نظرة الناس لنا. المجتمع والناس لا يعلمون قيمتنا الا من خلال الصورة التي ننقلها لهم عن أنفسنا وهى حقيقة الصورة التي نراها لأنفسنا ومستمدة من إحساسنا بقيمتنا. إنهم سيتعاملون معنا من خلال طريقتنا نحن في التعامل مع أنفسنا، اذا كنا نقدرها سيقدرونها، اذا كنا نحترمها سيحترمونها، اذا كنا لانهينها فلن يجرؤوا على أن يهينوها. أما إذا لم نعطي لأنفسنا قدرها فأكيد هم أيضا لن يفعلوا. 

الاثنين، 19 ديسمبر 2011

إشراقة جديدة

إشراقة جديدة إسم يحمل الكثيرمن المعاني. بداية جديدة ، يوم جديد، أمل في حياة أفضل. أليست إشراقة شمس يوم جديد تحمل الأمل في مستقبل أفضل وحياة أجمل؟ من منا لايحلم بحياة أجمل ومستقبل أفضل. من منا لايحلم بحياة جميلة مليئة بالسعادة ومستقبل كله نجاح؟ من منا لايبدأ حياته العملية وكله أمل في مستقبل مشرق ونجاح في كل جوانب الحياة الشخصية والعملية والعاطفية والعائلية.
 ولكن يختلف كل شخص منا عن الآخر في اعتقاده كيف يحقق هذا المستقبل ويصل لهذه السعادة. منا من لديه رؤية واضحة وأهداف جلية يعمل على تحقيقها ويسير في الطريق الذي رسمه لنفسه وبالرغم من الظروف والصعاب التي قد يواجهها فإنه يظل يعمل على تحقيق أهدافه، ومنا من لايكلف نفسه عناء التفكير في الأهداف أو الرؤية وانما ينتظر ما تحمله له الأيام وفي النهاية ينعي الظروف والحظ الذي لم يحالفه في الحياة ويبرر نجاح الآخرين لإمكانيات أو مواهب ليست لديه.

كل منا نسيج فريد من نوعه وكل منا لديه كنز من  المهارات والإمكانيات التي لايعيها ولايدرك وجودها ويعتقد أن مايستخدمه في حياته اليومية والعملية هو كل مالديه من إمكانيات. أما الواقع فإن هذه المهارات تحتاج من يكتشفها وبالتدريب المستمر تصبح أكثر قوة مثلها مثل عضلات الجسم كلما تدربت كلما زادت قوتها ولياقتها وأفضل الرياضيين يتدربون ساعات طويلة ويزيدون من مستوى صعوبة التدريبات يوما بعد يوم لزيادة كفائتهم وقدراتهم ولايتوقفون أبدا عن التدريب بحجة أنهم وصلوا الى مستوى عالي من اللياقة على العكس فإنهم يعلمون جيدا أنهم اذا توقفوا فسوف يفقدون هذه القوة واللياقة يوما بعد يوم.


كل إنسان منا مميز لن تجد له شبيه في هذا العالم حتى التوائم ليست متطابقة تماما، كل منا خليط من أفكار ومشاعر ومعتقدات وخبرة وعلم ومهارات لايتكرر. كل منا لديه ما يمكنه من تحقيق النجاح والسعادة اللذان يحلم بهما بل يمكننا حتى أن نقول أن كل منا يمكنه أن يختار الحياة التي يريدها وليس كما يعتقد البعض أن الكثير منها يفرض علينا. حياتنا من صنع أفكارنا وردود أفعالنا ورؤيتنا للظروف والأحداث التي نمر بها هى التي تحدد شكل حياتنا. هل سمعت عن مبدأ 10% و 90% ؟ هذا المبدأ يتلخص في أن 10% مما يحدث في حياتنا هو نتيجة الظروف بينما ال90% الباقية تعتمد على رد فعلنا تجاه هذه الظروف. ألم نصادف في حياتنا نماذج لأشخاص مروا بنفس الظروف وباختلاف رد فعلهم تجاه هذه الظروف تحددت حياتهم. كم من الناس جعل من أزمة أو صدمة مر بها في حياته حافز للنجاح والتقدم وآخرين إنهاروا واستسلموا وظنوا أنها نهاية الحياة. كل يوم ملايين من الناس يواجهون نفس التحديات وباختلاف ردود أفعالهم تجاه هذه الظروف تتحدد حياة كل منهم. 


ماأريد أن أقوله أن أى إنسان لديه إمكانيات عظيمة لايعلمها الى جانب أنه يمكنه أن يتعلم مهارات جديدة لتدعمه على طريق النجاح. وأن كل منا قادر على أن يكون سعيدا وناجحا المهم هو أن يكتشف الطريق الذي سيقوده الى النجاح وماهى المقومات التي يحتاجها لبلوغ هذا النجاح. ومن خلال هذه المدونة سأعمل على توضيح وتصحيح بعض المفاهيم التي قد تكون هى العقبة في طريق التغيير الذي نريده في حياتنا لنصل للسعادة والنجاح.