الخميس، 29 ديسمبر 2011

المعتقدات السلبية

التجارب التي يمر بها كل منا في حياته تكون لديه منظومة من المعتقدات عن نفسه، هذه المعتقدات يحيا بها ويرى كل شئ في الحياة من خلالها.  فهي تعمل كالعدسة فإن كانت عديمة اللون سنرى من خلالها كل شئ بلونه الطبيعي أما إن كانت ملونة فأكيد سنرى الألوان من خلالها مختلفة ويغلب عليها لون العدسة. فمثلا الإنسان المتفائل جدا يقال عنه أنه يرى كل شئ وردي أو بمعنى آخر يرى الأمور من خلال عدسة وردية أما الإنسان المتشائم فيرى الصورة دائما رمادية أو مائلة للسواد أي يراها من خلال منظار داكن يجعل كل الألوان كئيبة حتى المبهج منها. 

هذه المعتقدات تؤثر بشكل جوهري على مسار حياتنا، فطالما اننا لدينا اعتقاد معين عن أنفسنا فمن من سلطته أن يجعلنا نغير هذا الإعتقاد؟ وطبعا اذا كان هذا الاعتقاد ايجابي ويعمل لصالحنا ويدفعنا للأمام فهذا شيئ جيد أما إن كان غير ذلك فهنا يكمن الخطر. الاعتقاد السلبي هو أشد عدو للإنسان،انه فكرة أو يقين لدى الإنسان عن نفسه وإمكانياته ومعنى أن يكون سلبي أنه لايدفع للأمام وانما يشد الإنسان للخلف. لايمكن لأحد أن يجعلنا نغير هذا الاعتقاد وهو اعتقاد ليس في مصلحتنا وانما العكس يجعلنا غير قادرين على احراز أي تقدم في حياتنا. لنأخذ مثال على ذلك الرغبة في تعلم شيئ جديد أو الحصول على وظيفة جديدة بعد سن الخمسين مثلا أول تعليق يمكن أن نسمعه هو "بعد ماشاب ودوه الكتاب" أو "هو أنا لسه حابتدي أتعلم دلوقتي ماخلاص" هل في اعتقادكم أن شخص يردد هذا الكلام عن نفسه يمكنه أن يحقق أي تقدم أو يتعلم أي شيئ. طبعا لا. اذا كان هذه هي نظرته لنفسه أنه لا يصلح أن يتعلم أو لا يستحق أن يتقدم فمن سينظر له بصورة أفضل. إن كان هو شخصيا لا يرى أنه يستحق الأفضل فمن سيهتم بأن يعطيه الأفضل.


وما الحل؟ هذه المعتقدات صحيح أنها سلبية ونتائجها سلبية على حياتنا الا أنه ليس من المستحيل تغييرها والتغلب عليها. كل ما نحتاجه هو أن ندرك أن ما يحدث في حياتنا هو نتيجة اعتقاد سلبي وأن نكتشفه ثم نعمل على استبداله باعتقاد أكثر إيجابية. فإذا حاولنا استبدال الاعتقاد السلبي السابق ذكره "هو أنا لسه حابتدي أتعلم دلوقتي ماخلاص" يمكن في منتهى البساطة ملاحظة والتعلم من الأفراد الذين يبدأون حياة جديدة بعد سن المعاش فإنهم مثال رائع للروح الإيجابية التي تعيش بالأمل وتؤمن بأنه لابد أن يكون لهم دور طالما هم على قيد الحياة.


معتقداتنا السلبية كما لها دور في نظرتنا لأنفسنا فهى لها نفس الدور السيئ في نظرة الناس لنا. المجتمع والناس لا يعلمون قيمتنا الا من خلال الصورة التي ننقلها لهم عن أنفسنا وهى حقيقة الصورة التي نراها لأنفسنا ومستمدة من إحساسنا بقيمتنا. إنهم سيتعاملون معنا من خلال طريقتنا نحن في التعامل مع أنفسنا، اذا كنا نقدرها سيقدرونها، اذا كنا نحترمها سيحترمونها، اذا كنا لانهينها فلن يجرؤوا على أن يهينوها. أما إذا لم نعطي لأنفسنا قدرها فأكيد هم أيضا لن يفعلوا. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق