الثلاثاء، 20 مارس 2012

أهمية الحياة المتوازنة لبلوغ السعادة


عندما أفكر بكلمة توازن يتبادر إلى ذهني العدل والاستقرار وأن كل شيء بالقدر المناسب. وعندما أفكر بالتوازن في الحياة وكيف يمكننا تطبيقه على جميع جوانب حياتنا أجد أنه يجب أولاً أن نحدد بوضوح ما هى الأولويات في حياتنا حتى يمكننا أن نحقق التوازن وفقًا لقيمنا وأولوياتنا حتى نجد السعادة التي نحلم بها.

عندما أفكر بحياتي في الماضي أرى أنها لم يكن بها أي مظهر من مظاهر التوازن كما أني لم أعطي الاهتمام الكافي لأولوياتي وقيّمي. حياتي كلها كانت قائمة طويلة من الالتزامات التي كانت تمليها عليّ ظروف العمل والعائلة والمجتمع. الزوجة والأم المثالية في ثقافتنا هي التي تفكر في سعادة الآخرين وتهتم برعاية الآخرين، أما إذا فكرت في سعادتها أو اهتمت بنفسها فقد يعتبرها الكثيرون أنانية. بعض النساء أو حتى معظمهن يكون بإمكانهن العيش على هذا النحو لبعض الوقت ولكن مع مرور الزمن يشعرن بالإحباط وقد يصلن للاكتئاب والإحساس بالمرارة عندما يشعرن أن العمر قد مضى دون الاستمتاع به. الكثير من النساء تخفن من البحث عن سعادتهن ظنًا منهن أن المحيطين بهن لن يتقبلونهن أو يقدرونهن إذا لم تتنازلن عن سعادتهن من أجل الآخرين أو أن البحث عن سعادتهن يدل على الأنانية وحب الذات. لكن الحقيقة أن فاقد الشيء لايعطيه فكيف لشخص غير سعيد أن يسعد الآخرين؟ كيف لشخص غاضب أن يشيع السلام وراحة البال بين الآخرين؟ كيف لشخص يشعر بالمرارة والقهر أن يشيع البهجة والسعادة بين الآخرين؟ المرأة التي لا تشعر بالسعادة والرضا لا يمكنها أن تُسعِد أحد. فكيف وهي التي لم تنجح في إسعاد نفسها أن تنجح في إسعاد الآخرين سعادة حقيقية؟ يمكنها أن توفر لهم الطعام والشراب والمنزل النظيف ولكن ما الفائدة وكل من حولها يشكو من أنها متوترة وغاضبة طول الوقت. إنها بكل بساطة تنتظر أن تأخذ مثلما تعطي ولكن لا أحد يدري ذلك، أن تجد من يسعدها بينما لا أحد يدري ما مشكلتها وكيف يسعدونها وهي لا تهتم بأن تسعد نفسها؟ كيف يهتمون بها وهي لا تهتم بنفسها؟ كيف يقدرونها وهي لا تعرف كيف تقدر نفسها؟

سيدتي إنكِ زوجة وأم رائعة، تطهين أجمل الأكلات وتنظفين البيت وتسهرين على راحة الجميع وهذا شيء جميل سيدخلك الجنة بإذن الله تعالى ولكن ما العيب في أن تكوني سعيدة ومبتهجة وتشعين نور وبهجة في كل المحيطين بك. لا أطلب منك الكثير كل ما أطلبه منك هو التوازن والقسمة بالعدل. مثلما تهتمين بأن تضعي الملح بالقدر المناسب في أكلك حتى يكون طعمه جميلاً احتفظي لنفسك بالوقت المناسب الخاص بك حتى تكون حياتك جميلة. ألا يهمك جمال حياتك كما يهمك جمال طعامك. عندما يكبر أولادك سيتذكرون شكلك هل كنت جميلة أم لا؟ هل كنت تضحكين معهم دائمًا أم لا؟ هل كنت تلعبين معهم وتستمتعي بوقتك معهم أم لا؟ الذكريات الجميلة والحب والحنان هو ما سيحفر في ذاكرة أبنائك عنك. الأكلات الجميلة والبيت المنظم النظيف سيتذكرونه ولكن لو كان هذا مع صورة أم مرهقة ومنهكة طول الوقت أوغاضبة، ساخطة غير سعيدة فلن يكون لكل ذلك أى قيمة.

سيدتي إجعلي نفسك وسعادتك وجمالك أحد أولوياتك واقتربي أكثر من أولادك وزوجك واطلبي منهم المساعدة أو وضحي لهم ما يسعدك. كوني واضحة فيما تريدينه منهم ولا تتوقعي أن يفهمونكي دون أن تتكلمي. تعلمي كيف تتواصلي معهم بوضوح ولاتتوقعي أن يفهموا احتياجاتك لأن كل الأمور نسبية. ما يسعدك قد لا يسعدهم وما يهمك قد لا يهمهم، لا أحد يمكنه أن يعرف احتياجاتك غيرك. كوني واضحة فيما تريدينه منهم وأطلبيه منهم ببساطة؛ ألا يطلبون هم منك في منتهى الوضوح ما يريدون؟ كوني واضحة مع نفسك أيضًا في ما تتوقعينه منهم بالضبط وكوني واقعية في طلباتك، فقد تكتشفي في منتهى البساطة أنك أنت شخصيًا لا تعرفي ما ينقصك لتكوني سعيدة وفي هذه الحالة ستعرفين أنهم لهم العذر في أنهم لا يعرفون كيف يسعدونكي اذا كنت أنت نفسك لا تعرفي كيف تسعدي نفسك. وأخيرًا لا تتوقعي أن يتغيروا بين عشيةٍ وضحاها، فلقد أرسيت القواعد لسنين عدة والآن قد تحتاجين لبعض الوقت والصبر والاصرار حتى يمكنك تغييرها لأنهم في منتهى البساطة لم يتعودوا منك على ذلك. 

هناك 3 تعليقات:

  1. و ماذا لو لم يتم اقتناع الاسرة بوجهة نظرك و لم يتفهموا احتياجاتك ربما لانهم لا يحبون التغيير و ربما خوفا على مصالحهم من انشغال الام عنهم و لو جزئيا؟!

    ردحذف
    الردود
    1. طبعا في البداية سيكون التغيير صعب وستكون المقاومة قوية ولكن بإصرارك على جعل نفسك وسعادتك أولوية والتمسك بحقك في ذلك يمكنك تنفيذ التغيير. مدى إيمانك بحقك في أن تجعلي نفسك أولوية سيجعل الآخرين يقبلون الفكرة. كما أن التغيير اذا كان تدريجيا وبهدوء أعتقد من الممكن أن يتقبلوه ويتجاوبوا معك.

      حذف
  2. جزاكم الله خيرا

    ردحذف