الأحد، 8 يناير 2012

حياتنا من صنع أفكارنا

"إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصائرنا"~ ديل كارنيجي~

ما يدور بذهننا من أفكار هو العامل الرئيسي وراء سعادتنا أو تعاستنا. التجارب المختلفة التي نمر بها على مدار سنوات عمرنا تؤدي لبناء منظومة معتقدات وأفكار، منها الإيجابي ومنها السلبي ومع تراكم وزيادة هذه المعتقدات في اتجاه معين يتكون الإتجاه الذهني للإنسان. فتجد مثلا من كانت معتقداته عن نفسه إيجابية تجد ذهنه مليئ بالأفكار الإيجابية كما تجده إنسان مفعم بالنشاط والطاقة والحيوية مبتسم ومقبل على الحياة. أما الإنسان الذي معتقداته سلبية فستجد كل أفكاره سلبية كما ستجده متجهم الوجه، متذمر، ويشكو باستمرار.

كل تجربة نمر بها في حياتنا ينتج عنها فكرة معينة في ذهننا ومع تكرار التجربة بنفس النتيجة تتحول الفكرة لإعتقاد راسخ يتحكم في مشاعرنا وفي سلوكنا بصورة آلية ونحن نعتقد أنه حقيقية بينما هو ليس أكثر من فكرة رسخت في أذهاننا ونعيش بها كما لو كانت قدر لا يمكننا تغييره. في الحقيقة، الأحداث التي نمر بها في حياتنا وخارج نطاق سيطرتنا تمثل 10% فقط من حياتنا أما 90% الباقية فهي بالكامل تحت سيطرتنا ولنا مطلق الحرية في إختيار ردود أفعالنا، يعني في منتهى البساطة في 90% من لحظات حياتك أنت حر تماما في إنفعالاتك وردود أفعالك وإختيارك هو الذي يحدد في أي إتجاه ستسير حياتك.

فلنأخذ مثلا مشكلة ازدحام المرور التي نعاني منها جميعا في ساعات خروج المدارس والأشغال. لدينا نموذجين لشخصين يقودان سياراتهما واحد غاضب ويتخانق مع كل الناس ويصرخ فيهم وآخر أغلق الشبابيك وجلس في هدوء ينتظر أن تتحرك طوابير السيارات وفي داخل السيارة تجده يستمع للقرآن أو الموسيقى أو حتى كتاب مسجل. لقد علم هذا الأخير أن الموقف الذي هو فيه خارج نطاق سيطرته (10%) بينما رد فعله هوا لذي يندرج تحت سيطرته فإختار الإختيار الأصوب والذي في مصلحته بحيث لا يفسد يومه. الأول سيصل الى منزله منهك، ثائر وساخط وسيكون عرضة للكثير من الأمراض بينما الثاني سيصل لمنزله هادئ وقد مرت عليه التجربة في منتهى البساطة بل إنه إستفاد من هذا الوقت الضائع بطريقة مبتكرة للتعلم أو الاستمتاع بسماع القرآن أو الموسيقى الذين يمكن ألا يكون لديه وقت لهما في ظروف أخرى كما إنه يمكنه أن يواصل يومه بسعادة وهدوء مع أسرته.

 لنعرف كيف نتعلم أن نختار سلوكنا في كل موقف يجب أولا أن نفهم كيف ينمو لدينا سلوك معين في موقف معين. فمثلا الطفل الذي يتعرض للإستهزاء من زملائه أو مدرسته في الفصل أكثر من مرة بسبب إجاباته الخاطئة سينمو لديه اعتقاد أنه فاشل  وسيتكون لديه شعور بالخزي فيمتنع تماما عن المشاركة في الفصل لبقية عمره. إذن هناك نتيجة تجربة ينتج عنها فكرة أو إعتقاد يثير عاطفة التي تؤدي لسلوك معين. إذن إذا أردنا أن نغير السلوك لابد أن يتكون لدينا وعي بالإعتقاد ثم بالعاطفة حتى يمكننا التحكم بالسلوك. طبعا تغيير السلوك ليس بالمهمة السهلة لأنه مبرمج بداخل عقلنا ولكن تغييره ليس بمستحيل. كل ما نحتاجه هو ثواني معدودة نفكر فيها لنقرر ماذا نفعل بدلا من أن نرد بنفس الطريقة القديمة. لتتعلم تغيير سلوكك كل ما تحتاجه في اى موقف هو ألا يكون رد فعلك آلي بل تنتظر لثواني أو تعد حتى الرقم أربعة أو تتنفس بعمق لتعطي نفسك فرصة للتفكير وإختيار رد الفعل الذي في مصلحتك، رد الفعل الذي لاتندم عليه لاحقا أو يفسد علاقتك بالناس أو يفسد يومك وحياتك.

 فرصة الإختيارلدينا أكبر بكثير مما نعتقد، في كل لحظة وكل موقف نمر به لدينا عدد غير محدود من الإختيارات وعلى حسب إختيارنا تتحدد طريقتنا في الحياة إما إيجابية وإما سلبية.  كل ما نحتاجه هو أن نتعلم أن نقف لثواني قبل أن نرد أو بصورة أدق نعطي لأنفسنا فرصة لإختيار ماهو في صالحنا، ولإختيار مايعود علينا بالسعادة.







هناك تعليق واحد:

  1. احببت هذه الطريقة في تغيير السلوك والتعامل مع الواقع بلين أكثر واستيعاب أكبر. تحية للكاتبة

    ردحذف